و فى وسط معارك فيس بوك كتبت ... عزيزتى داليا ١٥/٤/٢٠١٤
الخماسين مبهدلنى لأنى على كبر و بعد التعرض لكميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع فى الثلاث سنين اللى فاتوا بقى عندى حساسية
ده غير انى باقاوم الاكتئاب بكل طريقة اعرفها علشان اشتغلت على ملف التعذيب فى أماكن الاحتجاز و بعتته مع مقترح لجنة مناهضة تعذيب لوزارة الداخلية و بناء على اجتماع مطول بقطاع حقوق الانسان فى الوزارة ... و ماردوش ... يعنى تألمت فى جمع و قراءة شهادات التعذيب علشان اقدمها لهم و هما عملوا ودن من طين و التانية من عجين
و طبعا متوترة علشان بنتى اتهمت بأنها عضوة فى جماعة الاخوان المسلمين و بعدين انها عضوة فى حركة ٦ ابريل و بتهدد الأمن العام و لُحم المجتمع و بعدين اتحالت للمحكمة و يا عالم القاضى حيقرأ ورق القضية و لا حيطسها حكم من غير ما يقرا لان الورق كثير و الخط اللى مكتوب به لا يقرأ و هو فى محكمة جنح و احسن له عموما يتخلص من القضية دى و تروح محكمة استئناف
يوووووه ... انا بقيت شكاية و سلبية و شبه المعارضين اللى كنت باتريق عليهم من عشر سنين ... ايه اللى جرالى و مين لبسنى النظارة السوداء اللى على عينايا دى؟!
ده انا أصلا باكتب المقال ده علشان أوضح شوية حاجات لداليا اخت چيلان زميلتى فى المدرسة .. عاوزة انشر محبة و ارفع ظلم غير مقصود وقع على علاء عبدالفتاح اللى هى ماتعرفهوش و اقول لها عنه حاجات كثير تخليها تحترم مواقفه و يمكن حتى تحبه قد ما انا باحبه و باحبها و باحب عائلاتهم هما الاثنين
انا رديت على بوست لداليا و قلت:
"ياااااه يا داليا البوست ده لخص حاجات كثير و التعليقات بتكشف أزمتنا (و عورتنا) ... بوست رائع خلانى افكر كثير : هى ايه الحياة الطبيعية بالنسبة لى و النسبة لك و بالنسبة للناس اللى بره دائرتنا ؟ ليه السياسة لعبة قذرة؟ ليه عمرى ما فكرت اسيب البلد دى و حكمت على اولادى بكده كمان؟ ليه باحب داليا و دينا و هالة و عائلاتهم قد ما باحب علاء عبدالفتاح و منال زوجته و امه و ابوه و خالته و ابن خالته؟ اخيراً هى نازلى بنتى اتبهدلت علشان عايزة تثبت انها بمئة رجل و الا هى فعلا بمئة رجل؟
اظن لازم اكتب مقال و اهديه لك
بوسة كبيرة و حضن يفطس"
انا باهدى داليا التالى و باعتذر عن المقدمة الطويلة
حتى ٢٠٠٥ كانت حياتى "الطبيعية" فى شغلى و تربية و تعليم اولادى و شوية اجتماعيات لطيفة و عمل خيرى أريح بيه ضميرى
لكن فى حاجات كانت بتنغص عليا فرحتى و تؤلم ضميرى
كنت أبقى خارجة من فرح و مبسوطة أشوف .. طفل شارع مرمى على الرصيف
كنت أبقى موضبة مصيف للأيتام اللى كنت باشتغل معاهم و الاقى انه الفساد حرمهم من ٥٠٪ من اللى جمعناه علشان مصيفهم
كنت أبقى عاملة شغل هايل لعميل فينصب عليا فاطنش لأن القضاء مش حيجيب لى حقى
كنت أبقى سعيدة بتفوق اولادى فى المدرسة - خصوصا انه نازلى كانت الاولى على المدرسة - و أحزن انهم فى مدرسة أمريكية و مش بيدرسوا لغة و تاريخ و جغرافيا بلدهم
يوم ٢٥ مايو ٢٠٠٥ قامت ثورتى الشخصية لما شفت صحفية مصرية بتتسحل فى الشارع و بيشيلوا ملابسها الداخلية من على الارض و بعدين سمعت من صحفية صديقة لى انها هى و ١٦ زميلة اتعرضوا لتحرش جنسي قام به أفراد من الشرطة و بتعليمات من آمين شباب الحزب الوطنى
بس يا ستى من يومها شفت حاجات و اتعرفت على فساد ماكنتش أتخيل انه موجود
شفت تزوير الانتخابات اللى ماكنش ليا دعوة بيها ...
شفت بلطجية الحزب الوطنى شغالين مع الداخلية ...
شفت الغاز المسيل للدموع بيخنق طفل فى كفر ميت بشار فى الشرقية و شفت الضابط اللى ضرب علينا رصاص و شفت منير فخرى عبد النور بيكلم زكريا عزمى و بيقول له لم البلطجية بتوعك اللى بيحاولوا ينجحوا اخوك بترهيب مؤيدين محمود اباظة ...
شفت عائلات معتقلين مرميين فى السجن ١٤ سنة من غير ما يشوفوا قاضى
و شفت ضابط بيضرب قاضى بالجزمة
و شفت طفل مات علشان أهله ماعرفوش يدخلوه حضانة
و شفت عائلة باعت فرش البيت علشان عملية استئصال زائدة دودية لابنهم اللى دفعوا له تأمين صحى فى المدرسة فى اكتوبر لكن ماكنش صدر له كارنيه فى فبراير اللى بعده
يا ريتنى ما شفت ده كله يا داليا
و كمان يا ريتنى ما شفت علاء لما اتسجن فى ٢٠٠٦ علشان القضاة اللى كانوا بيطالبوا باستقلالهم و اللى واحد من أشرفهم اتضرب بالجزمة قدام ناديهم
و يا ريتنى ما قعدت مع القضاة و عرفت انه اغلبهم "اسلامجية" او "امنجية" و الشرفاء منهم بيعانوا من الاختيار بين شرين
و يا ريتنى ما اتعرفت على د ليلى سويف و أستاذ احمد سيف اهل علاء و حبيتهم و احترمتهم ... هم من افضل الناس اللى عرفتهم فى حياتى
و علاء و منال زوجته و خالد ابنهم كل حلمهم يعيشوا حياة "طبيعية"
لكن هما شافوا و عرفوا و فكروا و حاولوا يغيروا فاتعرضوا لتشويه و سجن و تعذيب
و انا يا ريتنى ما شفت و لا عرفت و لا فكرت و فضلت فى حياتى "الطبيعية"
.. كانت حياة اسهل بكثير ... و كانت نازلى حتفضل البنوتة الساذجة اللى ماشافتش جثة فى مشرحة و لا عرفت شاب كان واقف جنبها و اتقتل و لا متألمة علشان علاء صاحبها مسجون ظلم و لا حزنت على صديق فقد نظره
انا عايزة أعيش حياة طبيعية زى اللى عايشين
عايزة الناس اللى بأحبهم و باحترمهم يحبوا بعض و يحترموا بعض حتى و لو اختلفوا طبقياً و عرقياً و دينياً و سياسياً
نفسي أعرفك على شباب التراس اهلاوى
نفسي أعرفك على المحاميين الحقوقيين
نفسي أعرفك على مجموعات لا للتعذيب و لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين
نفسي أعرفك على رسامين الجرافيتى و الشباب اللى بيعملوا عروض غناء و مسرح فى الشارع و شباب السينمائيين
نفسي أعرفك على امهات الشهداء و المصابين
انا عارفة انك حتحبيهم زيي ... لكن حياتك مش حتبقى "طبيعية"
اخيراً نفسي انت و كل اللى ذكرتهم تعيشوا حياة سعيدة و تفرحوا و تتهنوا و تنتجوا و تبنوا و ماحدش منكم يتغرب و لا يسيب مصر و لا يتظلم فيها