عن جيكا و مهند و محمود سعيد
يوم ٢٠ نوفمبر ٢٠١١ كنت عند شركة سفير للسياحة فى ميدان التحرير
سفير للسياحة اللى ظهرت فى الصورة البشعة لاكوام من المصابين و القتلى اللى سقطوا لحظة اقتحام الجيش للميدان .. الجيش المصرى -مش جيش العدو- اقتحم الميدان مع أذان المغرب و قتل و أصاب و حرق و دمر
ما نجانى مكالمة هاتفية من صديقة تسكن فى ميدان عابدين حذرتنى من تحرك المدرعات متجهة للتحرير و كان معى لحظتها مراسل مجلة أمريكية
رأينا فرقة مظلات قادمة من باب اللوق فهربنا و لجأنا لشقة صديق فى اول شارع طلعت حرب
ما شاهدناه من البلكونة و على مدى عشرين دقيقة كان مشهد كابوسي صادم و مخيف.. شاهدنا و صورنا توسي الشاب الذى قتله الجيش المصرى و ألقى به فى الزبالة
أثناء العشرين دقيقة كنت ابحث هاتفيا عن ابنتى التى كانت بالميدان .. أخيرا أجابت و كانت تصرخ. عرفت أنها فى المستشفى الميدانى فى المصلى فنزلت لأطمئن عليها و اطمئنها
دخلت المستشفى الميدانى و كان معبأ بالغاز المسيل للدموع و مسيطرة عل الجميع حالة هلع و رعب لا توصف
فى وسط الهرج و المرج ظهر شاب حاملا صديقه المتوفى. وضع صديقى على الأرض وسط الأطباء و فى هدوء غريب قال لى : صاحبى مات .. اعمل ايه؟ لم اجاوب .. ماذا أقول لشاب فى العشرين حمل صديقه قتيلا؟!
حاول الأطباء و المسعفين إنقاذ صاحبه لكنه كان متوفى بالفعل.. أما الشاب فخرج عائدا لشارع محمد محمود .. ربما قتل و ربما عاش منتظر القصاص لصديقه
و مرت سنة
بعد سنة عدنا لشارع محمد محمود .. لم يحاكم من قتل و أصاب و حرق و دمر بل كرموا و ضمنوا 'الخروج الآمن' و نالوا أعلى تكريم عسكرى
و بعد سنة قتل چيكا الذى نزل لشارع محمد محمود بحثا عن القصاص و أصيب محمود سعيد و هو فى مواجهة مع الوحش الذى قتل أصدقائه
و بعد سنة خرج مهند من السجن و عاد ليواجه النظام الذى قتل صديقه رامى الشرقاوي فى ديسمبر و لفق له قضية و أصابه و عذبه
و بعد سنة اصبح محمد مرسي عضو جماعة الاخوان المسلمين التى لم تكن طرف فى اشتباكات شارع محمد محمود و لا مجلس الوزراء رئيساً لمصر
بعد سنة اصبح ميدان التحرير ملتقى المهمشين من الشباب العاطل و أطفال الشوارع و المخبرين و المتعاونين مع مباحث قصر النيل و الباعة الجائلين .. اصبح مكان كئيب يجمع ضحايا المجتمع المصرى و المؤسسة العسكرية و الأجهزة الأمنية. اصبح ساحة صراع بعد أن شهد ١٨ يوم من أرقى و أجمل ما عرفته مصر
يسألوننى الآن عن ما حدث ليلة قدوم سنة ٢٠١٣ فأقول
كانت ليلة كئيبة .. أصيب مهند سمير بطلق نارى فى رأسه فى ركن من اركان ميدان التحرير و اختطف شاب على الطرف الآخر و اوسعوه ضربا و حدثت مصادمات فى شارع محمد محمود و دمر مطعم ماكدونلدز و منع منظمين حفل رأس السنة من إقامة الاحتفالية المخطط لها .. و الرئيس فى قصره و جماعته تستعد لانتخابات مجلس الشعب و مجلس الشورى يشرع و قيادات المجلس العسكرى آمنين و الشرطة مستمرة فى انتهاك المواطنين و تلفيق القضايا .. و فى الميدان أطفال و شباب ثائر و غاضب ينتقم من المجتمع الذى أهدر العدالة و اسقط القانون و اكتفى بالجلوس على الكنبة أو مقاعد المجالس ليطلق الاتهامات و يشرع قوانين تحمى مصالح النخبة العسكرية و حلفائهم من رجال الأعمال
فلول النظام السابق و قيادات النظام الحالى يمولون و يسلحون و يستخدمون الأجهزة الأمنية و الشباب الغاضب من كل التيارات لحماية مصالحهم بينما هم أمنون فى بيوتهم و عائلاتهم من حولهم .. و القتلى و المصابين لا دية لهم و لا حق
جيكا و مهند و محمود سعيد طلبة فى المرحلة الثانوية يتحملون عبء يجبن عن تحمله ساسة و قيادات حزبية و أمنية .. ثم يحدثوننا عن بلطجية ميدان التحرير
3 Comments:
At 1:27 PM, Unknown said…
يا حرقة قلبى على دى بلد. احنا فى البيوت مش شايفين حاجة غير فى التلفزيون. لكن انتو اللى شفتوا كل حاجة بعنيكوا. انتو ابطال ربنا يصبركوا. يارب انصر بلدنا. يارب يارب يارب يارب
At 1:53 PM, nachoua said…
شكراَ يا غادة علي مشاركتنا حزنك اللي هو حزن مصر والثورة والثوار...
حاسة ان كمية الشجن مش سامحالي اقول لك ان تعبيرك جميل قوي...
لا يقل شجناَ عن اللي انت بتوصفيه...
ربنا يلطف بينا ويثبت اقدامنا وينفخ فينا روح وشعلة الثورة من جديد...
At 2:08 PM, Anonymous said…
دمعت عيني غصب عني
Post a Comment
<< Home