بقى اسمه شارع الأبطال يا ست الكل
ذكريات شارع محمد "باشا" محمود
عرفت شارع محمد محمود حين التحقت بالجامعة الامريكية فى أواخر السبعينيات و كان حينذاك الشارع الذى نسلكه لنذهب من المبنى الرئيسى للمبنى اليوناني او "الجريك" كما كنا نسميه .. لم اعرفه قبلها لانه لم يكن من الشوارع التى تصتحبنا فيه والدتى فى جولاتها التسويقية مثل شارع قصر النيل و شارع سليمان باشا و لم يكن من الشوارع المحيطة بشارع عادلى حيث كانت عيادة والدى الله يرحمه و دور السينما التى كنت اذهب اليها كل أسبوع مع اخى ... على اى حال عرفت شارع محمد محمود و منطقة باب اللوق و شارع التحرير و محلات الفطير و العصير و الكبدة فى سنين الدراسة و كنت مثل كل زملائى اسميه محمد محمود الى أن سمعتنى جدتى الله يرحمها و قالت بحزم 'اسمه شارع محمد باشا محمود' و لقنتنى درس عائلى فى دور الباشا فى الحياة السياسية المصرية و حزب الأحرار الدستوريين و قصة والده محمود باشا سليمان 'الذى عرض عليه الملك فأبى' فعدت بعد ايام و سألتها عن مسميات الباشا الاخرى مثل "اليد الحديدية" و "هباب البرك" فاوضحت انه من عطل الدستور الذى شارك فى كتابته و اعلن انه سوف يحكم "بيد من حديد" ثم قالت ان المسمى الثانى جاء بعد ان امر بردم المصارف و الترع فى سنين الكوليرا مما اثار غضب الفلاحين فاسموه بذلك الاسم ... الله يرحم جدتى كانت راوية رائعة لحواديت التاريخ المنسية
عدت لأحصل على درجة الماچستير من الجامعة الامريكية فى بداية العقد الماضى لأجد ان شارع محمد "باشا" محمود اصبح شارع سيلانترو و بون اپيتي و الفوتوكوپى .. بقاء الحال من المحال يا جدتى العزيزة
و بعد مرور كام سنة على حصولى على الماچستير عدت لشارع محمد محمود لاشهد نهاية معركة الثورة و الداخلية يوم ٣٠/١/٢٠١١
شاهدت النهاية ... رصاص و قتلى و مصابين ثم هدوء حذر
كرهت ذلك الشارع يومها و لم اكن أتخيل انه سوف يكون موقع الكثير من المعارك فى المستقبل ..
فى شارع محمد محمود كانت اشتباكات ٢٨ يونيو ٢٠١١
فى شارع محمد محمود فقد مالك عينه
مالك كان اكثر حظا من احمد حرارة و رضا عبدالعزيز الذين فقدوا نظرهم ..
و احمد و رضا كانوا اكثر حظا من ٦١ مصرى ماتوا فى شارع محمد محمود https://docs.google.com/spreadsheet/lv?key=0ApHKfHFs3JYxdGlhTk9HOC1tWlplUWxKS3VSM0twcFE
فى شارع محمد محمود تأكدت خيانة الاخوان المسلمين الذين هرعوا للاستيلاء على السلطة بالاتفاق مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى اعتقد انهم القوة السياسية الوحيدة فى الشارع المصرى ... استمروا فى انتخابات مجلس الشعب الغير شرعية اثناء سقوط قتلى و مصابين فى اشتباكات عنيفة فى ١٤ محافظة مصرية
فى شارع محمد محمود ظهر قناص العيون و تجلت عقيدة الشرطة فى مقولة زميله "جدع يا باشا جت فى عينه"
http://youtu.be/420EJbud4wk
فى شارع محمد محمود عرفت ابطالا حمونى من الأذى بأجسادهم
فى شارع محمد محمود عرفت ابطالا يحملون المصابين على موتسيكلات
فى شارع محمد محمود عرفت ابطالا يسعفون المصابين
فى شارع محمد محمود عرفت معنى النقاء الثورى و عرفت معنى الخيانة .. خيانة من قتل و أصاب و باع كنت أتوقعها .. لكن خيانة من علق من مقاعد المشاهدين لم أتوقعها .. خيانة أصدقاء و أقارب و أحباء انحازوا حينذاك لخطاب الاخوان و المجلس العسكرى و لم ينصتوا لصراخ الأبطال
ذكريات واضحة جدا فى خيالى و اخرى كابوسية و مشوشة .. لكن يبقى هتاف خرج من القلب 'اشهد يا محمد محمود .. كانوا ديابة و كنا اسود'
اذهب كل فترة لزيارة مسجد السيدة نفيسة كما تعلمت من جدتى فاناجيها و ابتسم : مابقاش اسمه محمد 'باشا' محمود .. بقى اسمه شارع الأبطال يا ست الكل ..